بعد غياب دام لسنوات، تستعد كرة السلة النسائية التونسية للعودة من بوابة البطولة العربية المقبلة، المقررة في مصر من 1 إلى 8 يوليو 2025. هذه المشاركة ستكون الأولى للمنتخب الوطني للسيدات منذ ظهوره الأخير في بطولة إفريقيا “أفرو باسكت 2021” التي أُقيمت في الكاميرون.
يعود هذا الانقطاع عن المنافسات القارية والدولية إلى الأداء المتواضع للمنتخب خلال مشاركته الأخيرة، مما دفع المسؤولين إلى اتخاذ قرار بسحبه من الساحة مؤقتًا، إلى حين إعادة تشكيل فريق قادر على تمثيل البلاد بشكل مشرف. خطوة حاسمة وواقعية نالت احترام وتقدير المتابعين، وكان من الأجدر أن تُعتمد في كل مرة يصبح فيها استمرار المشاركة غير مجدٍ على الصعيدين الفني والمالي.
ففي عالم الرياضة، هناك دورات لا بد من احترامها، لكن الرؤية الاستراتيجية تبقى العامل الأهم، إذ يجب عدم المشاركة فقط من أجل الحضور، بل من أجل المنافسة الحقيقية، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالرياضة النسائية التي لطالما كانت واجهة مشرفة للرياضة التونسية.
بناء جيل جديد للمستقبل
لطالما كانت الرياضة النسائية في تونس عنوانًا للتقدم والريادة، وكان من الضروري الحفاظ على هذه الصورة الإيجابية. وفيما يخص منتخب السيدات، تقرر تعليق أنشطته مؤقتًا، ريثما يتم إعداده من جديد وتمكين جيل جديد من فرض وجوده. ومن هنا بدأ العمل الجاد منذ يونيو 2022، حيث جرى اختيار أبرز اللاعبات من فئة تحت 16 سنة، للمشاركة في بطولة إفريقيا 2023 التي احتضنتها مدينة المنستير، والتي أنهى فيها المنتخب مشواره بالمركز الرابع.
نفس اللاعبات شاركن في بطولة إفريقيا لأقل من 18 سنة في 2024 بجنوب إفريقيا، حيث قدّمن أداءً مميزًا، ما عزز قناعة القائمين على المنتخب بإمكانية إعادة إطلاق فريق السيدات من جديد، مستندين إلى قاعدة شبابية واعدة قادرة على إعادة الهيبة للمنتخب الأول.
هذه الاستراتيجية، المبنية على تقييم واقعي وتطبيق صارم، يُتوقع أن تثمر خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يفتح الباب أمام عودة قوية للسيدات على الساحة الإقليمية والدولية.
تحديات اللعبة وأسرار النجاح
كرة السلة من الرياضات التي تتطلب الكثير من الإمكانيات البدنية والذهنية، لكن العامل الحاسم يظل في “الدقة” أو “التركيز”، وهو أمر لا يأتي إلا بالتدريب المستمر. لا ننسى ما قاله أحد لاعبي فريق “هارلم غلوب تروترز” الأمريكي الشهير خلال زيارتهم إلى تونس، حين سُئل عن سر مهاراتهم الخارقة في التصويب:
“أمام سرير كل لاعب، سواء في منزله أو خلال المعسكرات، يوجد لوحة تصويب. قبل النوم، يجب أن نرمي الكرة عددًا من المرات يُحدده المدرب. لا نطفئ الأنوار إلا بعد إنهاء العدد المطلوب.”
هذا المثال يُبرز حجم التضحيات المطلوبة من أجل الوصول إلى النخبة، ويضع الجميع أمام حجم المسؤولية التي تنتظرهم إذا ما أرادوا أن يكونوا لاعبين يُعتمد عليهم.
المنتخب النسائي الأول يضع البطولة العربية المقبلة كهدف أول، ولكن لا يجب أن يتوقف الطموح عند هذا الحد، فالمسار بدأ، والنجاح يتطلب الاستمرارية والعمل الجاد دون انقطاع.